الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية قضاة وحقوقيون يردون على بشى بلحاج حميدة: التستر على الأسماء مشاركة في الإرهاب

نشر في  26 أوت 2015  (12:42)

فجّرت تصريحات بشرى بلحاج حميدة النائبة بمجلس الشعب ورئيسة لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة بالتحقيق في شبهة تعذيب الموقوفين السبعة المتهمين بالتخطيط للقيام بعمليات إرهابية، فجّرت غضب القضاة خاصة بعد تصريحها بأنّ عددا من القضاة تحوم حولهم شبهات الفساد والتراخي في التعامل مع ملفات القضايا الإرهابية. وقالت حرفيا» بعض القضاة يمثلون خطرا على أمن البلاد وقضايا الإرهاب هي الآن بين أيدي قضاة فاسدين» على حد تعبيرها.
وفي هذا السياق ارتأت أخبار الجمهورية رصد مواقف بعض المعنيين بالحديث حول هذه المسألة وما أثارته من ردود فعل متناقضة المساند منها والمعارض لتصريحات بلحاج حميدة فكان التالي...

حملة ممنهجة وتصريحات خطيرة

في البداية استنكرت رئيسة جمعية القضاة روضة القرافي تصريحات النائبة بشرى بلحاج حميدة معتبرة أن تلك التصريحات تأتي في إطار الحملة الممنهجة ضد القضاة لتشويههم والتدخل في قراراتهم.
وطالبتها بتقديم  أسماء القضاة الفاسدين، قائلة في تصريح إعلامي «كان عليها منحنا أسماء القضاة الفاسدين لأنّ سكوتها يعني المشاركة في الجريمة. هي صرحت بأن بعض القضاة يمثلون خطرا على أمن البلاد لكن تصريحاتها كذلك»..
مقابل ذلك ردت بلحاج حميدة على تصريح روضة القرافي قائلة إن ثقتها في القضاء كبيرة لكن هذا لا يمنع من وجود قضاة فاسدين وقدمت دليلا في ذلك ملف اغتيال الشهيد شكري بلعيد الذي بقي رهن قاضي تحقيق لم يحرك ساكنا ولم يحاسب وبقي في منصبه.
كما جددت تأكيدها أن قضايا الإرهاب هي الآن بين أيادي قضاة فاسدين.

واجهة لتغطية ممارسات التعذيب وراءها أهداف سياسية

من جهته وفي تصريح خص به أخبار الجمهورية، اعتبر رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني أنّ تصريحات بشرى بلحاج غير نزيهة والهدف منها تشويه سمعة القضاة القائمين بواجبهم على أحسن وجه ووفق ما تقتضيه مهمتهم في عديد القضايا.
كما قال إنّ تصريح حميدة مثير للانتباه وللجدل وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها أن رئيسة لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب والقيادية بحركة نداء تونس قد اقتحمت – بقدر ما استطاعت – مناطق حساسة كان من المفروض أن تتريث قبل دخولها، ويتعلق الأمر بضمانات المحاكمة العادلة والممارسات الأمنية في قضايا الإرهاب وادعاءات التعذيب وعلاقة الأمن بالقضاء وعمل قضاة التحقيق.
وقال إنّه اتضح أن طرح هذه المسائل كان في علاقة مباشرة بإحدى قضايا الرأي العام التي عرفت في التداول الإعلامي بقضية «الموقوفين السبعة« أو «أعضاء خلية القيروان».
 وأشار الرحموني إلى أن كل ما ورد على لسان النائبة بشرى بلحاج حميدة هو محاولة لتغطية ممارسات التعذيب فقط وليس للحديث عن نزاهة القضاء واستقلاله.
واعتبر في سياق متصل وفي تعليق نشره على صفحته الرسمية أنّ  ما صدر على لسان النائبة من تصريحات متضمّن لجملة من المخالفات القانونية ـ وحتى السياسية ـ الفادحة التي لا يمكن المرور عليها مرور الكرام من ذلك :
ـ استنادها في التعرض لقضية منشورة أمام القضاء إلى لجنة التحقيق البرلمانية التي تم تشكيلها في الظروف المذكورة رغم أنها قد أكدت أن اللجنة كانت على علم بتعهد النيابة العمومية وصدور الإذن منها بإجراء فحص طبي على الشاكين وفتح تحقيق للبحث في شبهات التعذيب .
ـ تعرضها بصفة متفاوتة إلى ثلاث قضايا على الأقل منشورة لدى المحكمة الابتدائية بتونس وهي أولا القضية التحقيقية الإرهابية التي شملت ما يعرف بأعضاء خلية القيروان وتم الإذن فيها بالإفراج عن المتهمين السبعة ومواصلة البحث معهم وهم في حالة سراح وثانيا القضية التحقيقية المتعلقة بالتعذيب المنسوب لبعض الجهات الأمنية. وثالثا قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد التي تم تفكيكها وإفراد المتهمين الموقوفين فيها بقضية مستقلة تم نشرها لدى الدائرة الجنائية مع مواصلة الأبحاث في القضية التحقيقية التي شملت المتهمين بحالة فرار .
وقال إنه كان من المفروض أن تمتنع الأستاذة عن التعرض بأي وجه لتلك القضايا المنشورة بالنظر إلى صفتها النيابية وكذلك الامتناع عن إذاعة أسرار التحقيق فيها أو نشر كل أو بعض من الظروف المحيطة بها استنادا لما يقتضيه القانون -الفصل 62 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر-.
كما تساءل حول الأهداف السياسية لتلك التصريحات وارتباطها بالقضايا محل النظر، خصوصا أن التهجم على قضاة التحقيق يشير إلى قرارات الإفراج المتعلقة بالموقوفين السبعة في مقابل التأكيد على أن الاحتجاز الإداري لهؤلاء قد تم طبق القانون وأن لا وجود لأي اختطاف زيادة على عدم ثبوت التعذيب الذي يبقى من اختصاص المحاكم .

«إذا ثبتت شبهة الفساد لابدّ من المحاسبة»

أماّ المحامي عبد الستار المسعودي فقد كان له رأي مخالف ومساند لبشرى بلحاج حميدة، حيث أكد أنه يشاطرها الرأي والتصريحات باعتبار أنّ التجربة خير دليل على ذلك وفق تعبيره.
وتساءل : «هل يعقل أنّ يتمكن القاضي المكلف بالتحقيق في قضية مجموعة ما يعرف بخلية القيروان المتكونة من 7 أفراد والذين تم الاحتفاظ بهم مؤخرا في المحكمة الابتدائية لثبات تورطهم في قضايا إرهابية عديدة، من الاطلاع على الملف  الذي يحتوي على أكثر من 510 وثيقة وعدّة تسجيلات صوتية  في غضون ساعات قليلة ومن ثمة يأمر بإطلاق سراحهم؟».
وقال إنّ هذه المجموعة كانت تخطط لتفجير مكان سياحي بالقيروان أسوة بتفجير سوسة الإرهابي، مضيفا أنّ هذه القضية ليست «فدلكة أو مزاحا».
وفي ختام مداخلته شدد محدثنا على أنّه لا أحد محصّن مهما كانت صفته أو مكانته وإذا ثبتت شبهات الفساد أو تجاوزات من بعض القضاة فلابد من المحاسبة وتحمل المسؤولية وذلك عبر المثول أمام مجالس تأديبية خاصة بسلك القضاء.

القاضي أحمد صواب: يجب تجاوز مقولة «الأمني يشدّ والقاضي يسيّب»

بدوره اعتبر القاضي بالمحكمة الإدارية أحمد صواب أننا أصبحنا اليوم نعيش على وقع بروز شعار جديد وهو أنّ «الأمني يشدّ والقاضي يسيّب»، قائلا إن لكليهما ذرائعه الخاصة فالأمني يؤكد عند القبض على المجرمين أنّ ملفهم يدينهم والقاضي يشدد عند الإفراج عنهم أنّ ملفهم لا يحتوي على دلائل تحيلهم إلى السجون. وهو ما يؤدي إلى ارتفاع عامل الشك في الطرف القضائي لذلك يجب تجاوز هذا المثل.
وفي سياق متصل، شدد القاضي صواب على ضرورة الترويّ عند الإدلاء بأية تصريحات تثير التشنّج معتبرا أنّ تأييد القضاة أو الإرهابيين ضد المصلحة العامة يساعد على توفير بيئة ملائمة لتنامي الإرهاب الذي سيتنفس الصعداء وسط الأجواء المتشنجة.
وأضاف محدثنا أنّه للحدّ من هذه المعضلات يجب تفعيل جملة من الإجراءات العملية على غرار التشديد على توفر عوامل الكفاءة والشجاعة والخبرة الكافية في القاضي المكلّف بالتحقيق في قضايا الإرهاب.
وكذلك التنسيق بين قضاة التحقيق والباحث الابتدائي  حول المحاضر والإجراءات والأدلة لتجنب توتر العلاقة بين الأمني والقاضي. هذا إلى جانب تحمّل كل الأطراف المسؤولية اللازمة والتنسيق المتكامل الذي لا يتضمن الإفراط والتفريط وفق تعبيره.